الممانعة وحربُها

الممانعةُ ما الممانعةُ وما أدراكَ ما الممانعة؟
عمادُها نظامانِ: الإيرانيُّ والسوريُّ!

في الحربِ الدائرةِ، رَدَّدَ الأَوّلُ، بَعْدَ كُلِّ أذانٍ، أنّهُ لَم يُبادِرْ إلى إشْعالِ فَتيلِ الحَرْبِ ولا هُوَ يَرْغَبُ في “توسيعِها” (أي في دُخولِها).

ولَمْ يَنْطُق الثاني بَلْ واصَلَ تَلَقّي الصَفَعاتِ صامِتاً: من دمشقَ إلى حلَب ومن ديرِ الزورِ إلى الجولان.

وَحْدَهُ حُدَيْدانُ اللبْنانيُّ قال: “المعركةُ معركتُنا!” مُعْفِياً سائرَ الممانَعةِ مِن تَبِعاتِ الممانعةِ المُباشِرةِ كافّةً.

حُدَيْدانُ اللُبْنانيُّ قالَ أَيْضاً إنّهُ يُخَفِّفُ عن غَزّةَ، ولَمْ يَثْبُتْ هَذا بَلْ ثَبَتَ عَكْسُه. وقالَ إنّهُ يَرُدُّ العُدْوانَ عن لُبْنانَ، ولَمْ يَثْبُتْ هَذا بَلْ ثَبَتَ خِلافُهُ، والآتي قد يَكونُ أَعْظَم!

مَعَ هَذا كُلِّهِ، يَزْعُمُ حُدَيْدانُ المَذْكورُ أنَّ المَعْرَكةَ مَعْرَكَتُهُ، أيْ أنّهُ لَيْسَ وَكيلاً فيها لأيٍّ مِن نِظامَي المُمانَعةِ المُشارِ إليْهِما. هُوَ وَحْدَهُ، لا “فَيْلَقُ القُدْسِ” ولا “قَلْبُ العُروبةِ النابضُ”، رُكْنُ المُمانَعةِ الرَكينُ وأَصْلُها الأصيلُ، والحالةُ هذه!

والحالُ أنّهُ لوً كانَ أَمْرُ حُدَيْدانَ بِيَدِهِ، إلى هذا الحَدِّ، لَكانَ أَوّلَ ما يَضَعُهُ في حسْبانِهِ أنّ الحَرْبَ لا تُخاضُ (إذا ظَهَرَ لَها موجِبٌ) ببِلادٍ مُفْلِسةٍ إلى هَذهِ الدَرَجةِ ومُجْتَمَعٍ مُفَتَّتٍ إلى هذا الحَدِّ وشَعْبٍ مُتَحَفِّزٍ (لَو كانَت مَقاليدُهُ بِأَيْدِيهِ!) لِمُباشَرةِ الحَرْبِ الأَهْلِيّة.

…ولكنَّ مَنْطِقَ النَشْأةِ غَلّابٌ وشَرْطَ الاسْتِمْرارِ شارِط…
ولَكِنَّ الأَمْرَ لَيْسَ لِمَنْ يُعْلِنُ أنَّ لهُ الأَمْر…

مشروع قانون لتنظيم الجامعة اللبنانيّة (آذار ٢٠٠٦)

في أواخر العام ٢٠٠٥ تشكّلت بمبادرة من وزير التربية والتعليم العالي آنذاك خالد قبّاني لجنة من حسن منيمنة وعبد الفتّاح خضر ومنّي لوضع مشروع قانونٍ جديدٍ لتنظيم الجامعة اللبنانيّة. كدَحنا كَدْحاً مُرّاً في هذا المشروع حتّى أنجزناه وكُنّا ورثةً في إعدادِهِ لمُبادَرَتَينِ أو ثلاثٍ سابقةٍ شهِدَتْها أعوامُ ما بَعْدَ الحَرْبِ. بعدَ ذلك طرَحْنا المَشْروعَ على المناقشةِ في الجامعةِ وتلقّينا ملاحظاتٍ مختلفةً عليه. وعند الاطمئنان إلى صيغةٍ مرضيةٍ للنَصِّ هيَ المَنشورةُ أدناهُ، دَعا الوزيرُ إلى ورشةِ عَمَلٍ مُوَسّعة لمناقشتِه. توَلّيتُ تَقديمَ المشروعِ بكلمةٍ أنْشُرُها هنا في موضِعٍ آخر. وعندَ ابتِداءِ المناقشةِ، تبيّن على وجهِ السُرْعةِ أنّ الذينَ دُعوا إليها كانوا، على الجُمْلةِ، أَهْلَ الأَمْرِ الواقعِ في الجامعةِ، المُعادينَ لأَيِّ إصلاحٍ أو تغييرٍ في هياكِلِها القائمة. عليهِ أَمْضَيْنا النَهارَ الطويلَ في الاستِماعِ إلى غَمْغَماتٍ لا تَرْقى إلى سَويّةِ ما يُسَمّى نَقْداً بُحَقّ، ولكن لم نتوانَ، من جِهتِنا، في تفنيدِها. وعندَما انطوى ذلكَ النَهار، انطوَت مَعَهٌ صَفْحةُ المَشْروعِ الذي كانَ يُفْتَرَضُ أن يُحالَ إلى مجلسِ الوزراءِ فأحيلَ إلى عتمةِ التَقاعُد. لم نسمع بهذا المشروعِ بعدَ ذلكَ أبَداً … حتّى أنّنا نسيناهُ نحن أيضاً، في ما يبدو لي، ولم ننشُرْهُ أبداً في أيّ وقت. إلى أن وقَعْتُ عليهِ بينَ مَلَفّاتي القديمةِ مؤخّراً وأعَدْتُ قراءتَهُ فصَمّمْتُ على نشرِهِ ومعهُ الكلمة التي قدّمتُهُ بِها في الورشة. أنشُرُهُما هنا إذن وفي المدوّنةِ المسمّاة “أدراجَ الرياح

adrajarriyah.wordpress.com

وهي التي أنشأتُها قَبْلَ سَنَواتٍ لِنَشْرِ وثائقَ كنتُ طَرَفاً في إعدادِها أو مُبادِراً إلى حِفْظِها ثمّ ذهبَت المشروعاتُ التي اُنْتِجَت الوثائقُ في سياقِها… أدراجَ الرِياح…