مقالاتي في “البلاغ”

بين تمّوز ١٩٧٥ وآذار ١٩٧٦، عملتُ محرّراً للقسم الدولي من أسبوعيّة “البلاغ” التي كانت تصدُر في بيروت. كنّا في السنة الأولى ممّا سُمّي لاحقاً “حرب السنتين”، وقد وضَعَت الحربُ حدّاً لصدور المجلّة (بَعْدَ شَيْءٍ من التقطّع) ولعملي فيها في وقتٍ واحد… وكان قد سبق لي في أسابيع الحرب الأولى أن أرسلتُ مقالةً إلى مجلّةٍ شهريّةٍ أو اثنتين فاختفتا من الوجود قبل نشرها. وهو ما جعلني أرجّح أنّ ثمّة نحساً يلازمني، أنقلُه بالعدوى إلى ما أحتكّ به من أنواع الصحف!
كانت تلك مرّةً أولى أكتبُ فيها بانتظامٍ في صحيفةٍ غير حزبيّة. وهو ما حملني على حفاوةٍ متصدّرةٍ بالمادّة الإعلاميّة لموضوع المقالة وبراهنيّة الموضوع ولكن بلا إهمالٍ للهمّ النضالي (ولا “للتنظير” المترتّب عليه) في اختيار الموضوع وطرح الأسئلة المحدِّدة لزاوية التناول…
وقد كانت هذه المدّة مرحلةَ كدحٍ شديد… إذ تعيّنَ عليّ، في معظم تلك الأعداد، أن أكتب مقالةً طويلةً تشغل ثلاث صفحات إلى ستٍّ من المجلّة ومعها افتتاحيّةٌ للقسم تشغل صفحةً واحدة… ثمّ لا يندُرُ أن أُمِدَّ صفحات المتفرّقات الدوليّة بقطعةٍ صغيرة أو بأكثر من قطعةٍ لا أوقّعها… ويحصُلُ أحياناً أيضاً أن أوزّع الصفحات المرصودةَ لي بين ٣ مقالات لا اثنتين، وهو ما كان يفرض أن لا أوقّع الثالثة. وقد اخترتُ لنفسي، في هذه المجلّة، توقيعاً مستعاراً هو أحمد الجبيلي، وهذا اسمٌ لم أعُدْ إلى استعماله في غيرها…
وفي مناخ الحَجْرِ الجاري، تسلّيتُ بمَسْحِ هذه المقالات، بَعْدَ نبشِ الأعداد من مخبئها، وبنشرها في مدوّنتي. فاكتشفتُ أنّها ثلاثون مقالةٍ بين طويلةٍ وافتتاحيّة، يضاف إليها مقالتان طويلتان نقلتُهما عن الشهريّة الفرنسيّة “لو موند دبلوماتيك”… وهذا كلّه في ١٨ عدداً. وقد نحّيتُ “المتفرّقات” جانباً لصعوبة حصرها وضآلة الفائدة من استعادتها. وأمّا المقالات فتقدّم مروحةً من المواضيع مثَّلَت جوانبَ رئيسةً من تاريخ تلك المرحلة، وهي، إلى أهمّيتها، موضوعاتٌ متنوّعة تتراوح ما بين مؤتمر هلسنكي والقمع والتهريب في أميركا اللاتينيّة والتغيّر في خطِّ الحزبِ الشيوعيّ الفرنسيّ والاضطراب السياسيّ في دولة بنغلادش الحديثة النشوء، إلخ.، إلخ.
يجد القارئ المهتمّ هذه المقالات جميعاً في قسمٍ واحدٍ من المدوّنة يحمل اسم المجلّة. وأمّا في الفيسبوك، فأستعيدُ منها تباعاً بضعةَ نماذج. ولمّا كنّا حيث نحن في هذه الأيّام، فقد اخترتُ أن أبدأ بافتتاحيّةٍ تناولت فيها الوباء الذي كان قد عصَفَ بحديقة الحيوان في باريس…